الشباب والمخدِّرات..هل من علاج؟
من المشاكل الكبرى ، والآفات الاجتماعية ، والصحية ، والأمنية ، التي تعاني منها الحضارة المادية المعاصرة ، والإنسان غير الطبيعي ، هي مشكلة المخدِّرات ، واللجوء إلى استخدامها ، والإدمان عليها .
أنواعها :
من أخطر المخدِّرات التي يتناولها المدمنون على الصحة والمجتمع والنظام ، كما يصنفها العلماء هي :
1 - الكحول .
2 - الأفيون ومشتقَّاته .
3 - القنب .
4 - الكوكايين .
5 - القات .
6 - المهلوسات .
7 - الباربيتورات .
8 - الأمفيتامينات .
آثار المخدّرات :
تؤكّد الإحصاءات التي تقوم بها المعاهد والجهات المختصّة ، أنَّ من مشاكل المراهقين والشباب المعقّدة ذكوراً وأناثاً ، هي مشكلة تناول المخدِّرات .
فلهذه المواد آثارها ونتائجها السلبية الهدَّامة في مجال الصحة الجسدية ، والنفسية ، والاقتصادية ، وفي مجال الجريمة والانحراف السلوكي العام ، والتأثير على الإنتاج ، والعلاقات الأُسرية والاجتماعية .
فالمخدّرات آفة تدمّر طاقة الإنسان ، وقواه العقلية والنفسية ، وتسقط وجوده الاجتماعي ، وتشلُّ قدراته ، فيتحول إلى عالة ومشكلة في المجتمع ، ووجودٌ غير مرغوب فيه .
ولتناول المخدِّرات والإدمان عليها أسبابها النفسية والعقلية المرضية ، التي تبذل الحكومات والمؤسسات الإصلاحية والإعلامية جهوداً ضخمة لمكافحتها ، وإنقاذ الإنسان من شرورها ، لا سِيَّما جيل الشباب والمراهقين .
ومن أخطر الآثار التي يقود إليها شرب هذه المادة ، هو التأثير على العقل ، وفقدان الوعي الذي يتسبب في حوادث القتل ، والاغتصاب الجنسي ، وحوادث السير المروِّعة .
كما يتسبب في إتلاف عشرات المليارات من الدولارات في العام ، في شرب هذه المواد ، وللعلاج الطبي منها ، في حين يمكن توظيف هذه المبالغ الضخمة في مكافحة الفقر ، وتوفير الخدمات الصحية والعلمية وغيرها للإنسان .
وهذا التبذير والإتلاف المالي ، يقف وراء شقاء ملايين الأُسَر ، وضياع أبنائها ، إضافة إلى المضار الصحية الخطرة ، التي تؤدي إليها هذه المادة الفتاكة .
مكافحة المخدرات :
صدرت عدّة قوانين واتفاقات دولية ، وعقدت عدة مؤتمرات لمكافحة المخدِّرات على مستوى الإنتاج ، والمتاجرة ، والتعاطي ، إضافة إلى ما تقوم به بعض الحكومات الحالية من جهود للقضاء على هذه الآفة الخطيرة .
وليس هذا وحسب ، بل وقد بذلت جهود علمية كبيرة من علماء الطب ، والكيمياء ، والإجرام ، والاجتماع ، وغيرهم ، لدراسة ظاهرة تناول المخدِّرات ، والإدمان عليها ، وتأثير ذلك على الصحة الجسدية ، والسلوك ، والشخصية ، والمجتمع ، ونشاطات الإنسان بصورة عامة ، فكانت كلّها تسير باتجاه واحد ، وهو إنقاذ الإنسان والمجتمع من شرور المخدِّرات .
العلاج :
انتهت الأبحاث العلمية ، ودراسات العلماء والمختصين في شَتَّى الحقول ، إلى ما قرَّرته الشريعة الإسلامية من تحريم تناول الكحول والمخدِّرات ، والمعاقبة على تناولها ، وتعتني الدول والمؤسسات الإصلاحية بإعادة تأهيل المدمنين ومتعاطي المخدِّرات مِهَنيّاً واجتماعياً .
أي : توفير الخبرات المهنية والأعمال لهم ، وإعادة الاعتبار الأدبي والاجتماعي للشخصية المدمنة ، ودمجها في الحياة الطبيعية ، من حيث الإنتاج والعلاقات الاجتماعية ، والسلوك السوي المقبول بعد الانحراف السلوكي ، والمفارقات السلوكية الشاذَّة .
وحين تتظافر جهود العلماء والإعلاميِّين ، والأُسرة والمدرسة ، والقانون والسلطة ، والمؤسسات الإصلاحية ، لإنقاذ الإنسان من هذا الوباء الخطير ، فالشاب هو الأولى بإنقاذ نفسه وشخصيته من الانهيار ، وسلوكه من الانحراف ، والسقوط الاجتماعي .
وكذلك تعريض حياته وصحته للخطر ، وتَحَوُّله إلى عالة على المجتمع ، ووجود يُنظر إليه بازدراء ، وخارج على القانون ، والقِيم الأخلاقية ، فيجني على نفسه بإسقاط شخصيته ، وتعريض وجوده للخطر .
موقف الإسلام :
حرَّمت الشريعة الإسلامية تناول الخمور ، كما حرَّمت تناول المخدِّرات ، لضررها بالعقل والنفس ، والجسم والمال .
وفرضت العقاب على متناوِلِها ، حماية للصحة الفردية وللمجتمع ، من شرور هذه الآفات ، وما تقود إليه من جرائم القتل ، والاغتصاب ، والسرقة ، والعدوان على الآخرين ، والمشاكل الأُسرية ، والآثار التربوية السيئة على الأبناء الناشئين ، في ظِلِّ المدمنين من متناولي الكحول والمخدِّرات الأُخرى .
فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة 90 .
ولذا اعتبر القرآنُ الخمرَ رجساً ، وعملاً شريراً يجب اجتنابه ، كما اعتبر القرآن الخمر من الأسباب المؤدّية إلى التنازع ، والمشاكل الأمنية ، التي عَبَّر عنها بالعداوة والبغضاء ، وقال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) المائدة 91 .
وروي عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ( كُلّ شَرابٍ أَسَكر فَهو حَرامٌ ) .
ولشدة الخطر المتأتِّي من تناول هذه المادة الفتاكة ، حَرَّم الإسلام صناعة الخمر ، وبيعه ، وشربه ، بل وبيع المواد التي يُصنع منها ، إذا علم أنها مُشتَراةٌ ليُصنع منها الخمر .
والاهتمام التربوي والإعلامي والتثقيفي على حرّمة الخمر ، وخطره على الحياة ، إنما يقوم على أساس حفظ الحياة البشرية ، ودفع الشرور عنها