استمتع بوقتك بين جدران بيتك!
لماذا تمر لحظات البقاء في البيت مع الزوجة والأولاد بطيئة ثقيلة على بعض الناس؟! لماذا لا تتحول إلى متعة يسعى إليها رب الأسرة، ويتشوّق إليها، فإذا وصل إليها قرّت عينه وانشرح صدره، وأشاع مِن حَولِه البهجة والسعادة..
ابنه يرتحله، وابنته ترتمي في أحضانه، وتُقص القصص الجميلة، والطرائف المرحة..؟!
والأم ترقب وتشارك في سرور؛ إذ عليها بدورها أن تهيئ الصغار والأجواء، وتؤجل بعض أشغالها في البيت؛ ليتفرغ الجميع لجلسة أسرية مليئة بالأنس والفرح. أضف إلى ذلك حاجة الرجل نفسه إلى الخروج من ضغوط العمل والأجواء الرتيبة الجادة، إلى لحظات من إجمام النفس والترويح عنها.
أصابع الاتهام - للأسف - تشير إلى موضع دقيق وحساس بين أضلعنا!
تشير إلى القلب.. فلو أن القلوب صلحت؛ لوجدت في إيناس الأهل والصغار مرتعا للاحتساب والتماس الثواب، والتقرب إلى الله تعالى بإدخال السرور عليهم وقضاء أهم حوائجهم؛ حاجتهم إلى المشاعر الصادقة، والحنان الفيّاض، والرأفة والشفقة.
ولو أن القلوب صلحت؛ لاتجهت برغائبها إلى سنة أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، وتأست بسيرته الكريمة في الزوجات والأولاد؛ فكان صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة رضي الله عنها، ويجعلها تشاهد من خلفه لعب الأحباش في المسجد، ويذهب إلى بيت ابنته فاطمة رضي الله عنها من أجل الحسن والحسين رضي الله عنهما، ويحمل الصغار في الصلاة، وينزل من منبره ليحملهم، ويرتحلونه – بأبي هو وأمي – وهو في صلاته، فلا يمنعهم.. بل يطيل في سجوده من أجلهم، إلى غير ذلك من شمائله الشريفة مع أزواجه وأهل بيته - صغارا وكبارا - التي تمتلئ بها دواوين السيرة وصحاح السنة!
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يفسح المجال لذلك في أوقات أوسع بكثير مما يمتنّ به بعض الناس وهم يقضون سويعات متفرقة في بيوتهم في أجواء من الصمت والفتور!
والأهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يُفسِح لهذه الأوقات من قلبه الطاهر، ومشاعره الصادقة؛ بخلاف من يبذلونها على مضض وتململ؛ فتراهم حاضرين بالأبدان دون المشاعر والوجدان!
فهل يتنبه المحبون لنبيهم صلى الله عليه وسلم إلى جانب عظيم من سنته، يخسر كثيرا من يفرّط في الأخذ به والعض عليه بالنواجذ، وتخسر البيوت جرّاء ذلك كثيرا من أسباب سعادتها؟!