جالس فى الحديقة, متطلعا الى الطفلين يلعبان تحت أشعة شمس ابريل اللطيفة, حين تذكرت آخر كلماته قبل أن يتوقف القطار: ألم أقل لك,لعلها تكون معرفة قطار, ولكن صدَقنى ,ستشكرنى كثيرا على هذه الزيجة.
صعدت الى القطار فى محطة سيدى جابر مشغول الفكر وغير سعيد, مترددا كنت فى الذهاب لولا إلحاح أختى, تعلمت الاَ أرد لها طلبا, كانت بمثابة الأخت والأم بعد وفاة والدتى, أمسكت بالبطاقة, تأكدت من رقم العربة والكرسى,العربة الثالثة كرسى 7أ,اى بجوار النافذة, حين وصلت كان جالسا فى نفس الكرسى, إستأذنته أن يسمح لى بالجلوس, تحرك ببطأ وعلى شفتيه إبتسامة, لم أهتم كثيرا,توجهت نحو النافذة, متطلعا الى الحقول الخضراء متراميةعلى الأفق, شاردا فى ذلك العرض الذى تلقيته من أختى, إنها صديقة لها تعرفها جيدا, كاملة الأوصاف, ذات حسب ومال وجمال, سبق لها الزواج مثلى, لكنها ترَملت فى ريعان الشباب .
إنتبهت على صوت الكمسارى, مددت يدى إليه بالبطاقة,أشَر عليها بقلمه ومد بها يده نحوى, إلتقطها ذلك الجالس بجوارى وأعادها إلى مبتسما, وجه طفولى الملامح, يقتحمك بعنف, يبدو أنه أنه قد إتخذ قرارا بإقتحامى, نظر الى متفحصا وهو يقول:-تبدو شاردا. قلت:- هكذا الدنيا لا تخلو من المشاكل, رد:- ياعزيزى لا تحمل هما لا توجد مشكلة فى هذا العالم ليس لها حل.
لا أدرى كيف إستدرجنى هذا الشخص على بساطته إلى كل هذا الحديث المستفيض, كيف إستطاع أن ينتزع منى كل هذه التفاصيل, ظروف وفاة زوجتى, عزوفى عن الزواج, علاقتى بأختى........وأشياء أخرى كثيرة.
طلبت كوبين من الشاى, امسك الكوب بكلتا يديه, رشف بصوت عال وهو يقول:- ما رأيك فيمن يزوجك إنسانة رائعة مكتملة الأوصاف. لم أرد عليه, فلم اكن متحمسا لمناقشة الموضوع, أو السماح للآخرين بالتدخل فى حياتى إلى هذا الحد.
قبل وصول القطار الى محطته الأخيرة ,كان كمن سيطر على تماما, كما لوإستطاع أن يقنعنى بفكرته.
نزلنا من القطار فى محطة باب الحديد متشابكى الأيدى, كصديقين حميمين, ما زالت الإبتسامة العريضة على فمه, خارجين من مبنى المحطة صافحنى بقوة:- سوف نلتقى فى الموعد إن شاء الله, رددت وأنا أهرول تجاه الكوبرى لأعبر الى الجهة الاخرى من الميدان:-طبعا..مع السلامة, فى تلك اللحظة حاولت إنعاش ذاكرتى, أين ومتى كان إتفاقنا على اللقاء, لم أتذكر, نظرت خلفى, كان لايزل واقفا فى الناحية الأخرى ناظرا إلى بتلك الإبتسامة,ترددت للحظة أن أعود لسؤاله , ولكن واصلت المسير,متخذا قرارا بإهمال الموضوع كله,..................... إبتسمت وأنا أتذكر كلمته الأخيرة: معرفة قطار
تمت
تأليف: بنتاؤور