الخيزران وسام فضي
عدد المساهمات : 880 الموقع : عيساوي للمعلومات
| موضوع: جتنبوا كثيرا من الظن ، إن بعض الظن إثم السبت أبريل 26, 2008 9:06 pm | |
| الظن أساسه الشك بين حكمين كالنفي والإثبات ثم يميل الشاك إلى أحدهما دون أن يتيقن فذلك هو الظن,
فالظن يأتي بين الشك واليقين فإذا تقوى الشك بشيء من الأدلة غير القاطعة فيسمى غلبة الظن
وغالب استعمال لفظ الظن في اللغة يكون في الأمور غير المحسوسة
فإذا رأيت شخصا بعينيك فلا تقل أظن أنني رأيت شخصا بل قل رأيت شخصا,
قال الإمام مجاهد: ظن الآخرة يكون يقينا عند معاينته, وظن الدنيا شك لعدم رؤية الغيبيات بالعين,
وقد استخدمت العرب الظن لتعبر به عن الشك وأيضا عن اليقين ولذا فهو من الأضداد
وقد استخدم القرآن الظن لكلا المعنيين,
والظنة هي التهمة,
والظنين هو المتهم
قال الجصاص في كتابه أحكام القرآن: نهى الله عن بعض الظن بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم" – الحجرات,
والظن في الإسلام أربعة أنواع:
أولها ظن محظور منهى عنه: مثل سوء الظن بالله وبرسوله وبأصول الدين وكذلك سوء الظن بالمسلم , فإذا كان المسلم مستور الحال ولم يظهر منه فسادا أو معصية فسوء الظن به حرام,
الحديث "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث "
ولقوله تعالى " اجتنبوا كثيرا من الظن"
ولذا عقب الله بقوله "ولاتجسسوا" فمن أساء الظن واتهمه دون بينة فإنه سيسعى للتأكد والتحقق فيتجسس, فنهانا الإسلام عنهما ,
الحديث " وإذا ظننت فلا تحقق" فإن ظهر لك شيء حكمت به و إلا توقف ولا تتبع عورات المسلمين,
وقد جيء برجل إلى سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه وقالوا له هذا فلان تقطر لحيته خمرا فقال ابن مسعود رضي الله عنه: إنا نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء فسننفذ حكم الله به"
أي أنه اعتبر تقطير الخمر من اللحية ليس بدليل على أنه قد شربها ولكي يثبت ذلك فعليهم بالتحقيق والاختبارات فقال إنا نهينا عن ذلك. فأنظر إلى فقه الصحابة الكرام ,
وقال الإمام مجاهد: نهى الله عن التجسس وأمرنا بالأخذ بالظاهر وترك ما ستر الله عنا, بل أمرنا بالستر على المسلم العاصي ما لم يجاهر ويهتك ستر ربه,
ويقول سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا.
فينبغي لنا ألا نسيء الظن ببعضنا, فقد قال بعض العلماء: التمس لأخيك مائة عذر فإن لم تجد فقل لعل له عذرا لا اعرفه, وما هذا الاحتياط الا ليحافظ المسلم على سلامة صدره من سوء الظن بالمسلمين ما أمكن إلى ذلك سبيلا, وللأسف الشديد فإن البعض لا يستريح حتى يسيء الظن بالمسلمين ويحسب أنه صواب في ذلك.
وثاني أنواع الظن فهو الظن المأمور به وهو حسن الظن بالله وبرسوله وبالإسلام والحديث " أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما شاء"
وحديث آخر "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله "
أي يظن أنه سيغفر له ذنوبه وسيرحمه, فإن قوما أساءوا الظن بربهم فأهلكهم, وهنا يقول الإمام الحسن البصري "إن قوما ألهتهم الأماني حتى ماتوا ولم يعملوا حسنة ويقول أحدهم أنا أحسن الظن بربي, وقد كذبوا , فلو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل".
فمن كان صادقا في ظنه بربه أن يدخله جنته فعليه بالإيمان والعمل الصالح, فإن صليت أو صمت أو تصدقت أو دعوت أو استغفرت فليكن ظنك أن الله يتقبل ويتجاوز وسيكون الله عند حسن ظنك, وإياك والإهمال والتكاسل,
ففي الحديث "والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" ويتبع الظن المنهي عنه أن يترك المسلم العمل بالأدلة الشرعية ويعمل بالظن فهنا يكون ظنه فيه أعراض وترك لما جاء به الشرع وهذا محرم.
أما النوع الثالث فهو الظن المندوب إليه: ويكون عند تنفيذ بعض الأحكام التي لا يوجد لها تحديدا واضحا ولا دليلا قاطعا, فإن تنفيذها يعتمد على الاجتهاد بغلبة الظن
مثل تحري اتجاه القبلة وتقدير مقدار النفقة على المطلقة بالمعروف وتقدير الجنايات وتعويضات الجروح, فهي على غلبة الظن وليس على اليقين الكامل.
ويقول الإمام القرطبي في تفسيره " وقد أنكرت جماعة من المبتدعة تعبد الله بالظن (تنفيذ بعض الأوامر الشرعية بغلبة الظن) وطعنوا في جواز ذلك, وليس لإنكارهم وطعنهم اصل يعول عليه, فإن الله ذم بعض الظن لا كله,
وربما تعلقوا بحديث " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" وهذا لا حجة لهم فيه لأن الظن في الشريعة محمود ومذموم, وإن الظن المحمود ما سلم معه دين الظان والمظنون به .....إلخ" كما أنه يستحب حسن الظن بالمسلم المستور الحال ومن ظاهره العدالة.
ورابع أنواع الظن هو الظن المباح: وهو ما ليس فيه تهمة لأحد وقد يحدث عند الشك هل صلى ثلاث ركعات أو أربع, فقد يتحرى الشاك ويعمل بما غلب على ظنه وهذا جائز, أو يطرح الشك ويكمل صلاته بناء على ما تيقن لا على ما غلب على ظنه وكلاهما جائز.
واعلم يا أخي أن حسن الظن بالنفس غرور وسوء الظن بالمسلمين هلاك,
الحديث "لا يبلغني أحد عن احد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر".
فالخبر السيئ عن الناس يجلب سوء الظن بهم, فليحذر المسلم أن يكون ناقلا لأخبار السوء فيوغر الصدور ويكون مساهما في سوء الظن بالناس,
وقد أخبرنا القرآن بما في صدور أعدائنا من مشاعر بقوله "" وودوا لو تكفرون" قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر"
فقد أخبرنا الله تعالى بذلك حتى لا نحسن الظن بأعدائنا ولنكون منهم على حذر ولا نواليهم فهذا في حق الأعداء
اما في حق المسلم فقال لنا تعالى " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا "
ومع هذا التحذير الواضح والنهي القاطع فلا يحلو للبعض الا اصطياد كل شاردة وواردة للطعن في الناس ونقل الأخبار السيئة وهذا لا يملأ الصدور إلا بالعداوة والبغضاء وسوء الظن, فيكون فاعل ذلك قد ساهم في تفريق الأمة وتشتيت وحدتها وهذا يحدث خلال حوارنا وفي وسائل إعلامنا, حتى أن البعض منهم قد تخصص في ذكر عيوب الناس واصطياد أخطائهم ولا مجال عنده لحمل تصرفاتهم أو كلامهم على الخير ما أمكن ذلك أو احسان الظن بهم .
ولا يراعي ستر عورات المسلمين وقد صدق سيدنا رسول الله حين قال "ثلاث لازمات لأمتي الطيرة والحسد وسوء الظن. فقال رجل: وما يذهبنه يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه: إذا حسدت فاستغفر الله , وإذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فإمض" فأمسك عليك لسانك ولا تنطق به إلا قولا سديدا يصلح لك عملك ويغفر لك ذنبك واكتم سوء ظنك واجعل صدرك قبرا له ولا تتحدث به لأحد عسى الله يشفي صدرك من سوء الظن. | |
|