[size=18]
كل عام نقول :" لعل هذا العام أفضل ...."
نودع عاما مثقلا بالجراح ، مليئا بالأحزان والمنغصات ، شربنا الهموم حتى الثمالة ، سكرنا من تأثيرها حتى الهذيان ، ودعنا أشخاصا أحبة إلى نفوسنا ، قريبين إلى قلوبنا اختيارا مرة واضطرارا مرات ، تجرعنا المرارات بشتى الأنواع ، حلمنا بأشياء سهلة كثيرة ، أن يكون عالمنا أكثر دفئا ومحبة ، وأقرب مدعاة إلى العيش السعيد ، لكننا لم نتوصل لتحقيق أيا من الأحلام والأهداف ، بقيت حياتنا باردة يابسة ، اشد جليدية من صقيع الصحاري المتراميات الأطرف ، لم نتمكن من إنبات شجرة كثيرة الأغصان ، فنستظل بفيئها ، وبقيت القلوب حزينة ، تشتكي طول السهاد ، وكثرة المعاناة ، ولا أمل يطل من بعيد ، فيعيد البسمة الحقيقية إلى الشفاه بدلا من البسمة الزائفة التي ما فتئنا نرسمها بإتقان نحسد عليه ، مر ستون عاما ونحن نحلم أنا سنعيش ، كبقية خلق الله، نضحك بملء أفواهنا ، نحيا حياتنا حتى النخاع ، لا نجتر آلامنا وهمومنا وكأننا اعتدنا ذلك الاجترار ، فقدنا العديد من أحبتنا وسلوانا أنا سنلتقيهم في جنان الخلد .
وانصرم العام الماضي ، كما انصرمت أعوام قبله حبلى بكل أنواع الهموم والعقبات ،ونحن نقر بكل أنواع الإيمان أننا نؤمن بالقدر خيره وشره ، وقادرون أن نتجرع الحنظل إن أدركنا أن وراءه مثقال ذرة من ثمر حلو.
ورغم معاناتنا لم ننس الأحلام ، نتقلب على فراش من شوك الحرمان ونحن نمني النفس أن الغد سيكون خاتمة الأحزان وان الدنيا لا تلبث أن تبتسم بعد طوال عبوسها ، وترينا بعض حلاوتها التي حرمتنا منها ، فماذا بمقدورك أن تمنحنا أيها العام الجديد ؟
أحلامنا لم تعد بثقل الأرض وبعد السماء ، ابتعدنا عن الغلو بالأماني بعد أن صفعتنا الدنيا صفعاتها الثقال ، أحلامنا هذبتها السنون ، صقلتها التجارب المرة التي ابتلينا بها ، أضحت آمالنا سهلة المنال .... نريد ابتسامة حقيقية تنبع من داخل نفوسنا الراضية ، نريد دفئا من اجل ذواتنا ، ونريد حبا طالما حلمنا به ، نريد أخوة تربط بين أبناء البشر، نريد تكافؤ الفرص, وان يجد المجد نصيبه مما بذلت يداه، نريد عدلا وحنانا متدفقا كالينبوع ، ينأى بنفسه عن الجفاف ، نريد أمنا يهل على فلسطين الحبيبة ، فيدرك المتصارعون أنهم إخوة ،نريد يدا تمسح دموع المحرومين............ نريد أن نعيش.
أحلامنا أيها العام الجديد ميسورة التحقيق ، أبمقدورك أن توصلنا إليها أيها القادم الغريب,أم أننا سننتظر عاما آخر ؟!؟!؟!
كم هي الأحلام التي كبرت وكبرت .. ثم صغرت وصغرت .. حتى اختفت ...