hirochima_no وسام فضي
عدد المساهمات : 1034 تاريخ التسجيل : 22/03/2008 العمر : 44 الموقع : عيساوي للمعلومات
| موضوع: أحداث غزة المؤلمة الجمعة يناير 02, 2009 10:57 pm | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. خطبة عن:
أحداث غزة المؤلمة الخطبة الأولى: الحمد لله الذي يبتلي عباده بالسراء والضراء، ويختبرهم في المنع والعطاء، وله الحكمة والرحمة فيما قدر وقضى، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي لا ترفع الشكوى إلا إليه، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله المصطفى، وخليله المرتضى، الذي أنزل عليه أفضل كتاب، اللهم صل على محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم من كل محسن أواب، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد، أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى حق تقواه، وكونوا لنعمائه شاكرين، ولابتلائه واختباره صابرين محتسبين، تائبين منيبين، فإن الله قضى أن يبتلى عباده فيما يحبون ويكرهون، وفي أنفسهم وأهليهم وأموالهم وديارهم لينظر كيف يعملون: هل يصبرون أو يجزعون، وهل يتوبون من ذنوبهم ويستغفرون أو يستمرون ويزيدون؟ قال الله سبحانه: { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون }. وقال سبحانه: { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }. فأخبر جل وعلا أنه لا بد أن يبتلي عباده بشيء من هذه المذكورات، ووعد الصابرين بالرحمة، ووصفهم بالهداية، وأتم النعمة بصلواته عليهم، فله الحكمة التامة، والرحمة السابغة، في تقديره المصيبات، والزيادة لبعض دون بعض. فيا من أصيب بآلام وجروح، ومحن وكروب، وأمراض تعتري بدنه وتغشاه، أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍ ولا حزنٍ ولا أذى ولا غمٍ، حتى الشوكة يشاكُها إلا كفر الله بها من خطاياه )) رواه البخاري ومسلم. أما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم: (( عجباً لأمر المؤمن إن أمرَهُ كلَه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له )) رواه مسلم. أما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم: (( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة )) رواه الترمذي وحسنه الإمام الألباني. فهنيئاً بهذه البشائر الجليلة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لمن صبر على أقدار الله المؤلمة المحزنة، وتمشى معها بطمأنينة قلب وسكون، ومزيد طاعة واستغفار، وعلم أن الله أرحم به من والديه، ومن الخلق أجمعين، فلجأ إليه وأنزل به جميع الحوائج والشؤون. أيها المسلمون: تعلمون ما يجري على إخوانكم المسلمين في غزة هذه الأيام من ظلم واعتداء، وتدمير وتخريب، وتجويع وتمزيق، وقتل وإبادة، من غير رحمة ولا هوادة، وبجرأة وبشاعة. ومع هذا لا نقول في هذا المصاب الجلل، والحزن الكبير المؤلم إلا ما يرضي الرب جل وعلا: إنا لله وإنا إليه راجعون. ونقول لإخواننا في غزة: إن لله ما أخذا، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجل مسمى، فلتصبروا ولتحتسبوا. ونوصي أنفسنا وأنفسهم ونذكرها بهذه الوصايا والخلال: أولاً: بالتضرع إلى الله تعالى في دفع هذه المكاره والنوازل التي حلت بهم، فإن ذلك من أجل حِكم الابتلاء بالبأساء والضراء، حيث قال سبحانه في سورة الأعراف مخبراً عباده وداعياً لهم: { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون }. بل إنه جل وعلا قد ذم ووبخ أقواماً لم يتضرعوا إليه حين ابتلاهم بالجوع، فقال سبحانه: { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون }. وثانياً: أن لا ينزلوا شكواهم إلا بالله تعالى، فإنه لا رب لهم غيره يقصدونه ويدعونه، ولا إله لهم سواه يؤملونه ويرجونه، ولا حول ولا قوة لهم إلا به، وهو سبحانه نعم المولى، ونعم النصير. الذي يتولى عباده المؤمنين، ويوصل إليهم مصالحهم، وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية، والذي ينصرهم، فيدفع عنهم كيد الفجار، وتكالب الأشرار، ومن كان الله مولاه وناصره، فلا خوف عليه، ومن كان الله عليه فلا عز له، ولا قائمة له، وإن كان بيده المال والعتاد. ولتكن لهم أسوة بنبي الله وعبده والد بني إسرائيل يعقوب عليه السلام حين مصابه، حيث قال: { إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله }. وقال لمن آلموه وآذوه: { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون }. وليكونوا على يقين أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً. وثالثاً: أن يكثروا من العبادات من صلاة وصيام ودعاء واستغفار وقراءة قرآن وذكر لله تعالى وغيرها، فإن ذلك سلاح من أشد أسلحة النصر والفرج، ولا يدري الإنسان أيكون أجله في هذه الغارة أو يكون ممن يمدد له في العمر. ولما تجمعت قريش وغطفان وقبائل العرب بتحريض من اليهود والمنافقين على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في غزوة الأحزاب، قال حذيفة رضي الله عنه: (( رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب ـ وهو ـ مشتمل في شملة يصلي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى )). وقال النبي صلى الله عليه وسلم موصياً أمته بالإكثار من العبادات، ومبيناً لهم عظم الأجر عليها، زمن الهرج وهو: انتشار القتل: (( العبادة في الهرج كهجر إلي )) رواه مسلم. بارك الله لي ولكم فيما سمعتم، وجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله الحميد في وصفه وفعله، الحكيم في خلقه وأمره، الرحيم في عطائه ومنعه، المحمود في خفضه ورفعه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، أفضل مرسل من عنده، وعلى آله وصحبه، ومن والاهم إلى يوم الدين. أما بعد، أيها المسلمون: إن من الأمور المستقبحة المستهجنة شرعاً عند حلول المصائب، وحصول النكبات، ووقوع محن على هذه الأمة المحمدية، هذه المظاهر السيئة، والتي منها: المظهر الأول: دعوة بعض الناس نساء المسلمين إلى الخروج في الشوارع متظاهرات، ينددن ويشجبن ويستنكرن. وهذا الداعي ـ أصلحه الله وأرشده ـ قد خالف القرآن، وخالف أمر ربه جل وعلا حيث قال سبحانه آمراً زوجاتنا وأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا من النساء: { وقرن في بيوتكن }. وخير والله للنساء، وللمسلمين المصابين بالنكبات، ولهذا الداعي، أن يطيع النساء ربهن فيلزمن أمره بالقرار في البيوت. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، مع أن الصلاة من أصول الدين، وأركانه الكبار، وصلاة الجماعة مضاعفة، وخروجها كان إلى بيت الله، لا إلى طريق أو ساحة. وهذا يؤكد ويقوي أن القرار في البيت خير لها في نفسها، وفي دينها، ولمجتمعها وأمتها. ويزيد في استهجان هذا الخروج والدعوة إليه هذه الأشياء: أولاً: ما قد يصاحبه من اختلاط للنساء بالرجال، وربما مساس الجسد الجسد، كما يقع ويشاهد في كثير من البلدان. ثانياً: حصول الزيادة في إظهار صور أخواتنا بين الناس، وذلك بإشاعة صور المتظاهرات في نشرات الأخبار عبر القنوات الفضائية، يراهن ملايين البشر من فساق وفجار وكفار وغيرهم، وقد يكون أكثرهن أو كثير منهن متبرجات سافرات، فيكون هذا الفعل من زيادة إشاعته. ثالثاً: ما يصدر عنهن من الأمور المخلة بأدب المسلمة ووقارها وخلقها بسبب شدة التأثر والعاطف من صراخ وعويل ورفع أصوات بكلام مستقبح أو نياحة أو سب أو لعن أمام الناس في الشوارع، وعبر أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية. المظهر الثاني: ما يصدر عن بعض الناس في المجالس من سب أو لعن لبعض ولاة المسلمين أو عمالهم أو جنودهم أو وصف لبعضهم: بأنه كلب، وذلك عند أو بعد سماع هذه الأحداث والمصائب في نشرات الأخبار، وسماع كلام المحللين والصحفيين حولها. ولا ريب أن جميعنا يقر بأن لسان المؤمن، عفيف، وليس بفاحش ولا بذيء، وكيف لا نقر بهذا ونبينا صلى الله عليه وسلم قد قال نافياً عن المؤمن هذه الصفات: (( ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء )) رواه الترمذي وصححه الإمام الألباني. المظهر الثالث: ما يقع من بعض الناس جهة بعض ولاة المسلمين أو وزرائهم أو باقي عمالهم وجندهم من رمي بالخيانة أو قذف بالعمالة أو اتهام بإعانة الكفار على إراقة دماء المسلمين والتواطؤ معهم، أو غيرها، وذلك بناء على كلام سمعه من بعض نشرات الأخبار، أو بعض المحللين أو الصحفيين وقد يكون مستندهم فيما نقلوه قنوات إعلامية يهودية أو غيرها، أو سمعه من بعض السياسيين أو المتكلمين من بعض الأحزاب العلمانية أو البعثية أو الشيوعية أو القومية أو الرافضية أو الدينية والتي تسعى للوصول إلى سدة الحكم. وهذه تهم كبيرة، وتجريم خطير، والمؤمن القوي الإيمان، الكثير خوفه من الرحمن، لا يبني أقواله، ولا يطلق لسانه، إلا بما هو حق وصدق، وعن برهان واضح، وبينة جلية، وفيه مصلحة وخير وصلاح له وللناس، وتقليل للفتن لا تكثيرها، وسبب ذلك أنه مدرك أنه محاسب على ما ينطق به لسانه في حق حاكم أو غير حاكم، وفي حق مسلم أو كافر، وعدو أو صديق، لا يغيب قول ربه عز وجل: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }. بل كلما قرأه أو مر به زاده خوفاً من إطلاق لسانه في الحكم على الناس بكل ما سمع. أيها المسلمون: إن من الأمور المقررة في نصوص القرآن العظيم والسنة النبوية، والمسلمات عند كل مسلم قارئ أو سامع للقرآن والسنة، أنه ما سلط علينا أعداؤنا من أهل الكفر والضلال، ولا حلت في ديارنا الحروب، وكثر القتل في صفوفنا، وتوسعت آلامنا، وزادت نكباتنا، واشتدت محننا، وضعفت قوانا، وهنا على الناس، إلا بسبب ذنوبنا وآثامنا ومعاصينا، إلا بسبب ما يقع من أمور شركية وبدع ومعاص، وصدق الله، وكذب المحللون المتخرصون، حيث قال سبحانه لنا: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم }. وقال رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن أمته: (( ولا نقضوا عهد الله، وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فيأخذ ما بأيديهم )). ألا فلا يغيب عن أذهاننا هذا الأصل، ولا نتناساه أو نغفل عنه أو نضلل، لا سيما مع كثرة سماع نشرات الأخبار، وسماع البرامج السياسية، والمحللين السياسيين، والمراسلين والصحفيين. فإن المصائب والكروب، والآلام والجروح، والنكبات والمحن، والخطوب والمعكرات، لا تدفع بالتضلع في السياسة، وسماع أهلها، ولا بالسيئات والآثام، ولا بالقبائح والمذمات، ولا بالصراخ والعويل واللغط، ولا بخروج نسائنا إلى الشوارع، ولا برمي الناس بالظنون، ولا بإطلاق العنان للسان، وإنما تدفع بالتوبة النصوح، والإنابة إلى الله والخضوع له، والتضرع إليه والالتجاء به، والإقلاع عن الذنوب، والبعد عن أماكنها، والإقبال على الطاعات، والمسارعة إليها والإكثار. اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السماوات والأرض، يا حي يا قيوم، ارفع الضر عن إخواننا المسلمين في غزة، وسلم أنفسهم وأهليهم وأموالهم وديارهم من اليهود الكافرين. اللهم ادفع عنهم هذا البلاء الذي لا يدفعه سواك، اللهم إنا لا نستعين بغيرك ولا نرجو إلا إياك في كشف ضرهم وبلواهم ومصابهم، اللهم إنهم فقراء إليك عاجزون محتاجون إلى دفعك ودفاعك عنهم. اللهم ارحم موتاهم، واشف مرضاهم وجرحاهم، واربط على قلوبهم صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً فلا يقولوا إلا ما يرضيك، ولا يفعلوا إلا ما تحب. اللهم اجبر مصيبة من أصيب منهم بشيء في بدنه أو أهله أو ماله، وتفضل عليه بالخلف العاجل، والخير المدرار. اللهم قاتل اليهود الذين يؤذون عبادك المسلمين في غزة، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم، وأنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق. اللهم رد كيدهم وغلهم وحقدهم إلى نحورهم وبلادهم، واجعل أسلحتهم مهلكة لهم، واجعل تخطيطهم عليهم، ومزق صفوفهم، ونكل بهم، وشردهم في الأرض. اللهم من أمدهم بسلاح أو مال أو تدريب أو تخطيط فألحقه بهم في الهلاك والنكال. اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما تحب وترضى، وخذ بأيديهم إلى الخير والرشد، وأعنهم وقوهم على نصرة إخوانهم المسلمين في غزة، بكل ما يرضيك، ويقر أعين المؤمنين، ويكبت نفوس الكافرين والشانئين، إنك يا ربنا سميع مجيب. وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين. | |
|